وسط الخروقات الإسرائيلية لوقف الحرب في غزة، والصمت الأمريكي على تنفيذ بنود خطة الرئيس الأمريكي ورجل الأعمال دونالد ترامب لوقف الحرب في عزة، وسط كل هذا، جاء ضوء مهم من المفوضية الأوروبية بإعلانها يوم الثلاثاء 25 نوفمبر، قبول طلب مبادرة أوروبية جديدة تطالب بتعليق اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، بسبب ما يصفه المنظمون بانتهاكات لحقوق الإنسان.
ربما تكون هذه الخطوة هي إجراء إداري، إلا أن الأهم هو أن الطلب شامل الشروط الصحيحة، ويبقى الأهم هو العمل على حث الأطراف الأوروبية بضغط من كل الأطراف ذات المصلحة لدعم مختلف محتويات المبادرة.
الاستفادة من مثل تلك الخطوات مهم جدا، خصوصا أن مبادرة المواطنين الأوروبية من أهم الوسائل التي تسمح للناس في دول الاتحاد بالدعوة إلى تغيير سياسي أو قانوني محدّد.
والقوانين تنص على أن تنفيذ المبادرة يتطلب جمع مليون توقيع من سبع دول أوروبية خلال سنة واحدة، ومن هنا تأتي أهمية دور الأطراف المعنية بالقضية الفلسطينية، استخدام مختلف الوسائل الضاغطة على الكيان المحتل للامتثال للمطالبات بوقف العدوان على حقوق دول عربية، والتوقف عن الانتهاكات بحقوق الشعب الفلسطيني، والقتل والترشيد.
ولاشك أن تفعيل المبادرة الأوروبية (الشعبية) بتعليق اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، ستكون المفوضية الأوروبية ملزمة بدراسة الموضوع واتخاذ قرارات بشأنها، لتصبح واقع على الأرض.
ومن المهم عربياً الاستفادة من المواقف الأوروبية، خاصة مع الموقف الأميركي غير الواضح، بغض النظر عن تصريحات هنا وهناك للرئيس ترامب، لا تثمن ولا تغني من جوع، مع ملاحظة أن الموقف الأوروبي أكثر تقدماً من الموقف الأمريكي.
ويتأكد هذا من خلال تصريحات مهمة لمسؤولين أوروبيين، بالتزامن مع ما أعدته دائرة العمل الخارجي التابعة للاتحاد الأوروبي لتنفيذ خطة تتضمن أربع صفحات تهدف إلى توسيع دور بعثة الاتحاد الأوروبي لمعبر رفح الحدودي مع مصر، بحيث تصبح طرفًا مدنيًا مشرفًا على مرور الأفراد والبضائع.
ومن النقاط المهمة في الخطة الأوروبية، انها تستهدف العمل على رفع القيود الإسرائيلية المفروضة على المنظمات الإنسانية العاملة في قطاع غزة، وتعزيز الدعم المالي والمؤسسي المخصص للسلطة الفلسطينية، للمساهمة في إعادة إعمار القطاع، مع أهمية حماية حلّ الدولتين، ورفض أي خطوات من شأنها تقويض مستقبل الدولة الفلسطينية، وتحقيق هدف عام وهو إعادة إحياء مسار السلام في الشرق الأوسط.
ويربط المراقبون بين هذه الخطة وما تم الإعلان عنه على لسان "كايا كالاس" مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أن الاتحاد يركّز على تثبيت وقف إطلاق النار الهش في غزة، والبناء عليه للوصول إلى سلام طويل الأمد، استنادًا إلى قرار مجلس الأمن وخطة شاملة لإنهاء الحرب.
وفي ذات الوقت يناقش الاتحاد تعديل تفويض بعثتيه في الأراضي الفلسطينية، وهما بعثة مراقبة معبر رفح وبعثة دعم الشرطة الفلسطينية، ضمن خطة تقضي بتدريب نحو 3 آلاف شرطي فلسطيني لتولّي مسؤولية الحدود والأمن الميداني في إطار خطة السلام.
وانطلاقاً من ذلك فإن موقف الإتحاد الأوروبي أكثر تقدما من الموقف الأمريكي، وتوظيفه مهم للغاية، خصوصا مع أن دعم الاتحاد الأوروبي لحلّ الدولتين يعني تمكين الفلسطينيين من قيادة وامتلاك مسار الحل، وهو ما تؤكده مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، علاوة على ما قالته بأن الإتحاد الأوروبي سيعمل مع الدول الأعضاء لضمان استمرار الهدنة وإدخال المساعدات الإنسانية على نطاق واسع، تمهيدًا لتحقيق سلام مستدام في الشرق الأوسط.
ولابد من القراءة الجيدة لتصريحات مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، والتي تؤكد فيها على أن أي تسوية يجب أن تكون عادلة ودائمة، وتحظى بقبول الفلسطينيين والأوروبيين، بخلاف أن المفوضية تعمل على تعزيز الثقة وتوفير التدريب والموارد من الدول الأعضاء، فيما يخص الفلسطينيين واحتياجاتهم في فترة ما بعد وقف الحرب.
وهذا لا يعني تجاهل أي خطوات إيجابية من أي طرفن بما في ذلك الأمريكيين، مع وجود آفاق إيجابية مهمة، خرجت عن اجتماع جرى بالقاهرة الثلاثاء 2 نوفمبر، للوسطاء والضامنين لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة، بوجود توافق على ضرورة تكثيف الجهود المشتركة بالتعاون مع واشنطن لإنجاح تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.
سرعة الإنجاز في وقف الخروقات الإسرائيلية، واستخدام كل وسائل الضغط على قوات الاحتلال، بما في ذلك المواقف الأوروبية، أصبح أكثر أهمية، خصوصا بعدما سجلت تقارير رسمية أن إجمالي الضحايا المسجلين منذ وقف إطلاق النار(الهش) في 11 أكتوبر 2025 بلغ 345 شهيداً و889 مصاباً، كما تم انتشال 588 جثةـ من تحت الأنقاض، وارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 69780 شهيداً و170985 مصاباً.
---------------------------
بقلم: محمود الحضري






